الإسكندرية لؤلؤة البحر المتوسط، تتحول في الشتاء إلى لوحة ساحرة من التاريخ والجمال. المدينة التي أسسها الإسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد، حملت على مر العصور إرثاً متنوعاً من الثقافات والحضارات، من الفراعنة والرومان إلى العرب والأوروبيين.
وفي الشتاء، تهدأ الشواطئ وتنتشر نسائم البحر الباردة، مما يجعل المشي على الكورنيش أو استكشاف القلعة والمتاحف تجربة هادئة وممتعة. فقلعة قايتباي الشاهدة على تاريخ البحارة والميناء القديم، تمنح الزائر فرصة للتجول بين أسوارها ومشاهدة أمواج البحر تتحطم على الصخور.
وحي بحري ينبض بالحياة، ومعالمه البحرية القديمة والأسواق التقليدية مثل سوق السبع بنات وزنقة الستات، تقدم تجربة ثقافية نابضة بالذكريات والروائح الأصيلة. وفي محطة الرمل وشارع فؤاد، تمتزج المباني الأوروبية القديمة مع المقاهي والمطاعم، لتخلق أجواء مثالية للتمتع بالمدينة ليلاً ونهاراً.
ولا تفوت زيارة مكتبة الإسكندرية الحديثة، التي تجمع بين التعليم والترفيه، أو المتحف اليوناني الروماني الذي يحفظ آثار الحضارات القديمة، ليأخذ الزائر في رحلة عبر الزمن. بينما تحكي مقابر كوم الشقافة وعمود السواري قصصاً قديمة عن الطقوس الجنائزية والفن الروماني.
وفي نهاية اليوم، يوفر الكورنيش فرصة لا تُضاهى للاستمتاع بصوت الأمواج، وركوب عربات الحنطور، أو التقاط الصور التذكارية على شواطئ البحر الهادئة. ويمكن القول إن الإسكندرية في الشتاء ليست مجرد مدينة، بل تجربة كاملة لإعادة شحن الطاقة واستكشاف التاريخ والثقافة في آنٍ واحد.
مع أول نفَس بارد للشتاء، لا تكتفي بريطانيا بتغيير الطقس، بل تغيّر ملامح مدنها بالكامل. فجأة، تشتعل الشوارع أضواءً، وتتحول الساحات إلى مسارح مفتوحة، وتبدأ حكاية سنوية يعرفها الجميع باسم أسواق الكريسماس.. لكن مانشستر ترويها بطريقة مختلفة.
في مانشستر، لا يبدو الشتاء قاسيًا، بل دافئًا بشكل مفاجئ. وتتدلى الأضواء كأنها نجوم هبطت من السماء، والأكشاك الخشبية تصطف كقرية أسطورية، والمدينة كلها تتحول إلى كرنفال حي ينبض بالحياة، رغم الصقيع.
الفكرة التي وصلت إلى بريطانيا في أواخر التسعينيات، وجدت في مانشستر بيتها الحقيقي. فالمدينة لم تكتفِ بتقليد الأسواق الأوروبية، بل أعادت ابتكارها، وحولتها إلى واحد من أكبر مواسم الأعياد في القارة، يستقطب ملايين الزوار كل شتاء.
في ديسمبر، يصبح السير في وسط مانشستر تجربة حسية كاملة: رائحة النقانق المشوية، تمتزج ببخار المشروبات الساخنة، الذي يعانق أصوات الضحكات، بينما لا تتوقف عدسات الهواتف عن التصوير. ولا أحد يأتي هنا مصادفة، فالجميع يبحث عن الشعور ذاته، شعور العيد.
تتحول الأطعمة إلى نجوم بحد ذاتها. جبن يذوب أمام العيون، وحلويات تغري قبل تذوقها، وكؤوس شوكولاتة ساخنة تنافس المشروبات الشتوية، وأكشاك لا تعرف الهدوء. وكل زاوية تحمل طابورًا، وكل طابور يحمل قصة.
لكن السر الحقيقي ليس في الطعام ولا الزينة. فالسر في الناس. عائلات تتماسك وسط الزحام، وأصدقاء يتشاركون الدفء، وكبار سن يبتسمون بصمت، وزوار يكتشفون المدينة كأنهم يرونها لأول مرة. في مانشستر، يعود العيد إلى معناه البسيط: أن تكون مع من تحب.
أسواق الكريسماس في مانشستر ليست فعالية موسمية عابرة، بل وعد سنوي بالفرح. ومع كل عام، تتكرر الأكشاك وتتشابه المسارات، لكن السحر لا يخفت. لأن المدينة، حين تضيء في الشتاء، لا تبيع الهدايا فقط.. بل تبيع لحظة دفء لا تُنسى.





