في قلب دمشق القديمة، وعلى مقربة من الجامع الأموي، ينبض سوق الحميدية بشريان الحياة الثقافية والتجارية للمدينة. تأسس هذا السوق العريق في أواخر القرن التاسع عشر خلال عهد السلطان عبد الحميد الثاني، فحمل اسمه ليغدو رمزًا للهوية السورية الأصيلة ومتحفًا حيًا لتاريخ المدينة.
الهندسة المعمارية: أصالة الحجر وحداثة الوظيفة
يمتد السوق لمسافة تزيد عن 600 متر، يبدأ ببوابة مقوسة ضخمة ويخترق المدينة القديمة حتى الجامع الأموي. يتميز بسقفه المعدني المرتفع الذي يسمح بمرور الضوء دون أن يزعج الزوار، وأرضيته المرصوفة بالحجر الدمشقي العتيق. هذه البنية لا تحمي الزوار من الشمس والمطر فحسب، بل تمنحهم تجربة تسوّق مفعمة بالأصالة.
نبض التجارة وعبق التراث
سوق الحميدية ليس مجرد مكان لشراء الحاجيات، بل هو رحلة عبر الزمن. تتوزع فيه المحلات التي تبيع الأقمشة الحريرية، والعباءات المطرزة، والذهب والفضة، والحرف اليدوية كالموزاييك والزجاج المعشّق. رائحة القهوة الشرقية والبهارات تعبق في أركانه، فيما يصدح صوت البائعين كأنهم ينشدون قصائد الشام بطريقتهم الخاصة.
رمزية ثقافية وذاكرة شعب
يشكّل السوق ذاكرة جماعية لسكان دمشق وزوارها، إذ يرتبط بالطقوس الاجتماعية والاحتفالات والأزياء التقليدية. حتى الزوار من خارج سوريا يدهشهم التوازن بين العراقة والحيوية، بين الماضي والحاضر. في كل زاوية قصة، وفي كل حجر شهادة على حضارة لا تُنسى.
وجهة سياحية وترويج للهوية
اليوم، يُعتبر سوق الحميدية نقطة جذب سياحية محورية في سوريا، يجتذب السيّاح لا للتسوّق فقط، بل لاكتشاف هوية دمشق. يمكن للمؤسسات الثقافية والتجارية أن تستثمر في هذه الوجهة من خلال تنظيم جولات افتراضية أو برامج ثقافية تربط الزائرين بجذورهم.