spot_img
Homeتراث ومستقبلقبة الصخرة: معلم خالد في قلب القدس

قبة الصخرة: معلم خالد في قلب القدس

spot_img

في قلب مدينة القدس القديمة، تتربع قبة الصخرة كتحفة معمارية وروحية، لا تشهد فقط على عبقرية الفن الإسلامي، بل تروي قصة هوية ومقدسات تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة.

النشأة التاريخية

شُيّدت قبة الصخرة في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان عام 691 ميلاديًا، لتكون أول بناء إسلامي ضخم يُقام في تاريخ العمارة الإسلامية. لم تكن مجرد مسجد، بل جاءت لتؤكد حضور الإسلام في مدينة القدس، وتُجسد ارتباط المسلمين العميق بها.

اختار البنّاؤون موقعًا بالغ الرمزية: الصخرة المشرفة، التي يُعتقد أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم عرج منها إلى السماء في رحلة الإسراء والمعراج، والتي تُعد أيضًا مقدسة في الديانات السماوية الثلاث.

العمارة والتصميم

تتوسط القبة بناءً مثمنًا، تحيط به أعمدة رخامية وقباب صغيرة، في تناغم هندسي مذهل. القبة نفسها، التي كانت في الأصل من الذهب الخالص ثم أعيد تغليفها بالألمنيوم المطلي بالذهب، تلمع تحت شمس القدس كمنارة روحية.

الزخارف الداخلية، من الفسيفساء البيزنطية والنقوش القرآنية، تُعد من أقدم وأجمل ما وصلنا من فنون الزينة الإسلامية. كل تفصيلة فيها، من الخط الكوفي إلى الألوان الزرقاء والذهبية، تحكي عن ذوق حضاري راقٍ، وعن رسالة روحية خالدة.

البُعد الديني والرمزي

قبة الصخرة ليست مجرد معلم أثري؛ إنها رمز للهوية الإسلامية في القدس، ومركز روحي يربط الأرض بالسماء. وجودها داخل الحرم القدسي الشريف، إلى جانب المسجد الأقصى، يجعلها جزءًا لا يتجزأ من وجدان المسلمين، ومصدرًا دائمًا للإلهام والصمود.

أثرها في الثقافة والفن

ألهمت قبة الصخرة أجيالًا من المعماريين والفنانين، وظهرت في لوحات، قصائد، وتصاميم معمارية حول العالم. حتى في العصر الحديث، تُستخدم صورتها في الشعارات والرموز الوطنية، لتُجسد فكرة الثبات والجمال والقداسة.