في قلب مدينة حلب القديمة، تتربع قلعة حلب شامخة على تلة استراتيجية، كأنها تحرس المدينة منذ آلاف السنين. ليست مجرد حصن حجري، بل هي سجل حيّ لحضارات تعاقبت، ومعارك دارت، وأمجاد بُنيت على مر العصور.
تاريخ يمتد لآلاف السنين
يعود استخدام التل الذي تقوم عليه القلعة إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، حيث كانت مركزًا دينيًا وموقعًا دفاعيًا هامًا. مرّت القلعة تحت سيطرة الإغريق، ثم الرومان، فالبيزنطيين، قبل أن تزدهر في العصور الإسلامية، خاصة في عهد الزنكيين والأيوبيين.
في العصر الأيوبي، وتحديدًا في عهد الملك الظاهر غازي، نالت القلعة اهتمامًا كبيرًا، حيث تم بناء البوابة الرئيسية وتحصين الأسوار، مما جعلها واحدة من أقوى القلاع في المنطقة.
روعة العمارة العسكرية
تمتد القلعة على مساحة تزيد عن 160 ألف متر مربع، وتحيط بها أسوار ضخمة وخندق عميق يصل إلى 30 مترًا. مدخلها الرئيسي عبارة عن بوابة دفاعية معقدة، مزودة بمرامي وأساليب دفاعية متقدمة لعصرها.
داخل القلعة، نجد قاعة العرش، المسجد، الحمام، المسرح، ومجموعة من الأبراج والغرف التي كانت تستخدم كمخازن ومساكن.
رمز للصمود والتجدد
تعرضت القلعة لعدة هجمات عبر التاريخ، من الحروب الصليبية إلى الغزوات المغولية، لكنها صمدت، وأعيد ترميمها مرات عديدة. أصبحت رمزًا للهوية الثقافية السورية، ومحط فخر لأبناء المدينة.
اليوم… وجهة سياحية وثقافية
رغم ما تعرضت له من أضرار خلال النزاعات، لا تزال قلعة حلب تحتفظ بجاذبيتها، وتستقطب الزوار من مختلف أنحاء العالم. التجول في أروقتها هو رحلة عبر الزمن، حيث يلتقي الزائر بتاريخ الشرق الأوسط في أبهى صوره.
قلعة حلب ليست مجرد مبنى أثري، بل هي قصيدة حجرية تروي قصة مدينة، وشاهد على عظمة حضارات لا تزال آثارها تنبض بالحياة.