في قلب مدينة دمشق القديمة، تقع قلعة دمشق، أحد أعرق المعالم التاريخية التي تعكس صراع القوى وتنوع الحضارات. بُنيت هذه القلعة في القرن الحادي عشر الميلادي وشهدت مراحل متعددة من التوسع والترميم، جعلتها مركزًا للحكم والقيادة العسكرية عبر عدة عصور.
النشأة والتطور
بدأ بناء القلعة في عام 1076م على يد الأمير السلجوقي أتسز بن أوق، ثم توسعت في عهد تتش بن ألب أرسلان. لكن التحول الجذري في تصميمها وتحصينها جاء على يد الملك العادل أبو بكر الأيوبي بين عامي 1203 و1216م، لتتحول إلى حصن متكامل يجمع بين الدفاع والهندسة المعمارية.
الدور السياسي والعسكري
استُخدمت القلعة كمقر لحكام دمشق في العصور الأيوبية والمملوكية، وكانت مركزًا لإدارة شؤون المدينة والحملات العسكرية. كما أنها كانت خط الدفاع الأول في وجه الغزوات الصليبية، وواجهت حصارات عديدة أبرزها في عام 1148م. لاحقًا، في العهد العثماني، تحولت إلى ثكنة وسجن عسكري حتى أواخر القرن العشرين.
العناصر المعمارية
تتألف القلعة من ثلاثة عشر برجًا متصلًا بأسوار سميكة، وتمتد على مساحة تزيد عن 33 ألف متر مربع. تصميمها غير منتظم بسبب تضاريس الأرض، وتحوي بوابات مزخرفة وساحات داخلية ومساجد وقصور صغيرة. كانت القلعة أشبه بمدينة مصغّرة داخل دمشق.
من الإهمال إلى الإحياء
بعد أن أُهملت لسنوات طويلة، خضعت القلعة لأعمال ترميم بدأت عام 1986م، فأُعيد لها شيء من رونقها التاريخي. واليوم، تُعتبر من أبرز المقاصد السياحية والثقافية في العاصمة، وتستضيف معارض وفعاليات تحيي ذاكرة المدينة القديمة.